مقتطفات من رباعيّات الخيّام، للحكيم النيسابوري المُفتَري عليه ..
كان عمر الخيّام حكيماً فيلسوفاً، حُجّة في عصره، وكان يجالس الملوك،
وكان عالماً في الرياضة والطب والفقه
قال عنه أحد دارسيه :
” إن الذي بدا لي من رباعيات الخيام أنه كان جَمّ الشكوك،
كثير الارتياب، عظيم الاضطراب، ذا روح قلقة تحيط بها الهواجس والخطَرات،
ونفس متألمة تكتنفها الوساوس والخيالات، وقد ظهرت شخصيته في رباعياته،
بمظهر الشاكّ المرتاب القلق، مما دفع البعض للاعتقاد أنه كان متشائماً في عقيدته ”
ولكن يقول عنه الشهرزوري في كتابه (نزهة الأرواح وروضة الأفراح) أن الخيام
قُبِض بينما كان يتأمل الإلهيات من كتاب الشفاء لابن سينا،
وكان آخر ما قاله في سجوده :
” اللهم إني عرّفتُك علي مبلغ إمكاني، فاغفر لي؛ فإن معرفتي إياك وسيلتي إليك ”
– والآن مع شعر الخيّام، يقول :
تدين لي الدنيا بل السبعة العلا * بل الأفق الأعلي إذا جاش خاطري
أصوم عن الفحشاء جهراً وخفية * عفافاً وإفطاري بتقديس فاطري
وكم عصبة ضلّت عن الحق فاهتدت * بطرق الهدي من فيضي المتقاطر
– وفي الإحساس بالجَبْرية ومحاولة فك رمز القضاء، يقول :
* أحسّ في نفسي ربيب الفناء
ولم أَصْبُ في العيش إلا الشقاء
يا حسرنا إن حان حين ولم
يُتَح لفكري حل لغز القضاء
* لبستُ ثوب العيش لم أُسْتَشَر
وحرتُ فيه بين شتّي الفِكَر
وسوف أنضو الثوب عني ولم
أدري لماذا جئت ؟ أين المفرّ ؟
* أن تُفْصَل القطرة من بحرها
ففي مداه منتهي أمرها
تقاربت يارب ما بيننا
مسافة البعد علي مقدرها
* إن الذي يعرف سر القضاء
يري سواء سعده والشقاء
العَيْش فان فلنَدَع أمره
أكان داء مسّنا أم دواء
– وفي الدعوة إلي العفو والصفاء يقول :
أَحْسِن إلي الأعداء والأصدقاء
فإنما أنس القلوب الصفاء
واغفر لأصحابك زلاّتهم
وسامح الأعداء تمْحُ الصداء
– وعن اختيار الصديق، يقول :
عاشر من الناس كبار العقول
وجانب الجهّال أهل الفضول
واشرب نقيع السّم من عاقل
واسكب علي الأرض دواء الجهول
* إن الذي تأنس فيه الوفاء
لا يحفظ الودّ وعهد الإخاء
فعاشر الناس علي ريبة
منهم ولا تكثر من الأصدقاء
– وفي التأمل ومخاطبة الله سبحانه، يقول :
* يا من يحار الفهمُ في قدرتك
وتطلب النفسُ حِمَي طاعتك
أَسْكَرَني الاشم ولكنني
صَحَوْتُ بالآمال في رحمتك
* إن لم أكن أخلصتُ في طاعتك
فإنني أطمع في رحمتك
وإنما يشفع لي أنني
قد عشتُ لا أُشركُ في وحدتك
* يا عالم الأسرار علم اليقين
يا كاشف الضرّ عن البائسين
يا قابل الأعذار فِئْنا إلي
ظلّك فاقبلْ توبة التائبين
(رباعيّات الخيّام * أحمد رامي)